العنوان هنا
تقييم حالة 26 أبريل ، 2020

تداعيات كورونا على الانتخابات الأميركية:

هل يملك ترامب والولايات الجمهورية صلاحية الإلغاء أو التأجيل؟

أسامة أبو ارشيد

يعمل أسامة أبو ارشيد باحثًا غير مقيم مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وهو حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسيّة والفلسفة من جامعة لفبرة / بريطانيا، ويقيم حاليا في واشنطن في الولايات المتحدة. نشر العشرات من المقالات والدارسات باللغتين العربية والإنكليزية، كما شارك في تأليف كتابين باللغة العربية عن حركة حماس والمعاهدة الأردنية الإسرائيلية. شارك في العديد من المؤتمرات الأكاديمية، وله كتاب باللغة الإنجليزية في مرحلة الإعداد للطباعة عنوانه: "جدلية الديني والسياسي في فكر وممارسة حركة حماس" وسيصدر عن Cambridge Scholars Publishing.

مقدمة

أثار تحول الولايات المتحدة الأميركية إلى بؤرة لجائحة فيروس كورونا المستجد عالميًا منذ آذار/ مارس 2020، وما ترتب على ذلك من إلغاء التجمعات الكبيرة وفرض قوانين مشددة على الحركة في أغلب الولايات الأميركية، قلقًا وتساؤلات حول إن كان يمكن تأجيل أو إلغاء الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020؟ وتجري الانتخابات الرئاسية الأميركية كل أربع سنوات، وتشمل إضافة إلى موقع الرئاسة كل أعضاء مجلس النواب الأميركي الأربعمئة وخمسة وثلاثين، وثلث مقاعد مجلس الشيوخ المئة. وقد أدى تأجيل ست عشرة ولاية انتخاباتها التمهيدية، كما في نيويورك وأوهايو وجورجيا وميريلاند، إلى شهر حزيران/ يونيو 2020، وتأجيل الحزب الديمقراطي مؤتمره الوطني من تموز/ يوليو إلى آب/ أغسطس، مخافة استفحال العدوى الوبائية، إلى مضاعفة هذه المخاوف. ويخشى كثيرون في الولايات المتحدة من دخول البلاد حالة من الفراغ السياسي والفوضى الدستورية في 20 كانون الثاني/ يناير 2021، وهو اليوم الذي ينبغي فيه تعيين الرئيس ونائبه رسميًا، وخصوصًا أن الرئيس الحالي، دونالد ترامب، رجل يصعب التنبؤ بتصرفاته. أما بالنسبة إلى أعضاء الكونغرس الجديد، في مجلسَي النواب والشيوخ، فينبغي أن يباشروا مهماتهم رسميًا في الثالث من الشهر ذاته.

أولًا: خلفيات التوجس

يمكن حصر السبب الرئيس للقلق المتزايد في مصير الانتخابات الرئاسية في شخص الرئيس ترامب، تحديدًا، والذي أثبت منذ تسلمه الحكم، مطلع عام 2017، أنه لا يعرف حدودًا يقف عندها في محاولة تطويع القوانين والتقاليد المؤسساتية الأميركية العريقة لصالح قناعاته ومواقفه، إذا لم يستطع تغييرها أو تجاوزها، أو حتى خرقها. بل إنه لم يتردد من قبل في زعم صلاحيات له في تعطيل نصوص دستورية، وذلك كما فعل عام 2018، عندما قال إنه يملك السلطة، عبر قرار تنفيذي، لنقض التعديل الرابع عشر في الدستور الأميركي الذي يمنح، تلقائيًا، الجنسية الأميركية لكل طفل مولود في الولايات المتحدة[1]. طبعًا، هذا الادعاء غير صحيح، فالنصوص الدستورية لا يمكن إلغاؤها أو تجاوزها بقوانين سواء من جانب الرئيس أو الكونغرس، إلا عبر آلية تعديل دستوري معقدة، تحددها المادة الخامسة من الدستور، والتي تشترط موافقة ثلثي مجلسَي الكونغرس عليها، وتصديق ثلاثة أرباع الولايات الأميركية الخمسين (38 ولاية) على ذلك. أما الرئيس، فليس له دور يؤديه هنا؛ فهو لا يوقّع، أصلًا، على التعديل الدستوري ليصبح ساري المفعول، كما أنه لا يمكنه الاعتراض عليه وتعطيله متى استوفى شروطه[2].

ومع ذلك، ورغم وضوح الدستور الأميركي في هذا الصدد، فإن رئاسة ترامب فريدة من نواحٍ كثيرة؛ إذ إنها تمثل حركة شعبوية خلخلت بنى كثير من التقاليد السياسية السائدة أميركيًا، بل إنها مسَّت بالهيكل الدستوري للبلاد.

يقوم النظام السياسي الأميركي، دستوريًا، على أساس "الفصل بين السلطات" الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، أو ما يعرف بـ Separation of Powers. وينظم عملية الفصل هذه مبدأ آخر متصل بها هو "الضوابط والتوازنات"، أو Checks and Balances، والذي يهدف إلى منع كل واحدةٍ من السلطات الثلاث من التغول على الأخريين عبر أدوات وأوراق ضغط مختلفة ومتساوية. إلا أن "الآباء المؤسسين"، الذين صاغوا الدستور الأميركي عام 1789، لم يأخذوا في الاعتبار تطور نظام سياسي، مستقبلًا، يقوم على هيمنة حزبين على الحياة السياسية الأميركية، ومن هنا بدأت عوارض الخلل، إن لم يكن العوار، تبرز في صلب نظامَي "الفصل بين السلطات" و"الضوابط والتوازنات".

وحتى لا نغرق في تفاصيل كثيرة، فإن الولايات المتحدة اليوم تشهد هيمنة شخص، هو ترامب، الرئيس منذ عام 2017، على أحد حزبَي السلطة، أي الحزب الجمهوري[3]، والذي بدوره هيمن على مجلسَي الكونغرس حتى مطلع عام 2019، عندما خسر مجلس النواب، مع احتفاظه بمجلس الشيوخ. وعبر سيطرة الجمهوريين، الخاضعين لهيمنة ترامب، على مجلس الشيوخ، فقد تمكنوا من تعيين قضاة فدراليين، بما في ذلك قاضيان في المحكمة العليا، خلال السنوات الثلاث الماضية، بناء على مؤهلات أيديولوجية، أكثر منها مهنية؛ ما أدى إلى زعزعة بنى نظام توازن السلطات وضبطها بعضها بعضًا، لصالح السلطة التنفيذية، التي يتربع ترامب على رأسها. أما عن كيفية إخضاع ترامب للجمهوريين، فإن الأمر مرتبط بشعبيته الكاسحة بين قواعد الحزب، بحيث إن من يجرؤون على تحديه بين أعضائه في الكونغرس، أو أي مسؤولين آخرين فيه، يواجهون مصيرًا غامضًا في الانتخابات التمهيدية للحزب؛ بمعنى المغامرة بمقاعدهم ومناصبهم[4].

ولم يتردد ترامب في الماضي والحاضر في إخفاء نوازعه التسلطية ومحاولته الدوسَ على النصوص الدستورية والقوانين الفدرالية، والقيم والأعراف والتقاليد الأميركية. وترامب كان قد عزله مجلس النواب، الخاضع لسيطرة الديمقراطيين، في كانون الثاني/ ديسمبر 2019، بتهمتي إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، بسبب ضغطه على الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، في تموز/ يوليو 2019، من أجل إجراء تحقيق يشمل منافسه الديمقراطي المفترض، جو بايدن، وابنه، بتهم فساد لإضعاف حظوظه الانتخابية. وطلب ترامب من زيلينسكي ذلك كـ "خدمة"، وهو ما يحظره القانون الفدرالي لمصالح شخصية أو انتخابية[5]. ورغم ذلك، فإن مجلس الشيوخ، الخاضع لهيمنة الجهوريين، برأ ترامب مطلع العام الجاري، ولم يقبل بإقالته.

كما أن ثمَّة شكوكًا بأن روسيا تدخلت لصالح ترامب في انتخابات عام 2016، ولكنه لم يقبل يومًا بإدانة هذا التصرف الروسي، أو حتى الاعتراف به، على الرغم من أن الاستخبارات الأميركية أكدت ذلك. بل إنه، وفي خضم المنافسة بينه وبين المرشحة الديمقراطية السابقة، هيلاري كلينتون، عام 2016، دعا موسكو إلى التدخل لصالحه عبر اختراق بريد كلينتون الإلكتروني[6]. وقد أشار "مازحًا" من قبل بأنه يريد البقاء في منصب الرئاسة إلى ما بعد انتهاء فترة ولايته الثانية، عام 2025، إن فاز[7]. وكثيرًا ما امتدح حكامًا مستبدين، كرؤساء روسيا والصين ومصر.

أثار ترامب عاصفتين سياسيتين. الأولى، بزعمه امتلاك "سلطة كاملة" لإرغام الولايات الأميركية على الخضوع لقراراته، في ما يتعلق بإجراءات مواجهة جائحة كورونا لناحية فتح اقتصاد ولاياتهم، وتخفيف سياسة التباعد الاجتماعي> أما العاصفة السياسية الثانية، فتتمثل في تهديده بفضّ جلسات الكونغرس وتعطيل أعماله، متذرعًا بـ "الظرف الاستثنائي" المترتب على جائحة كورونا، ليتمكّن من تعبئة شواغر في إدارته، من دون الاضطرار إلى نيل تصديق مجلس الشيوخ.

وفي الأسابيع الأخيرة، أثار ترامب عاصفتين سياسيتين. الأولى، بزعمه امتلاك "سلطة كاملة" لإرغام الولايات الأميركية على الخضوع لقراراته، في ما يتعلق بإجراءات مواجهة جائحة كورونا لناحية فتح اقتصاد ولاياتهم، وتخفيف سياسة التباعد الاجتماعي، على الرغم مما في ذلك من مخاطر صحية[8]. بل إنه ذهب أبعد من ذلك، عبر تحريضه مواطني ثلاث ولايات أميركية، هي: فرجينيا، وميتشغان، ومينيسوتا، على التمرد (ربما المسلح، كما فهم من تغريداته) على إجراءات ولاياتهم لفرض "التباعد الاجتماعي"، الذي كان هو نفسه أيده قبل ذلك بيوم واحد[9]. وقد رفض حكام ولايات وخبراء دستوريون زعم ترامب امتلاك "سلطة كاملة" على الولايات، على أساس أن التعديل الدستوري العاشر ينص على أن: "السلطات غير المفوضة للولايات المتحدة (أي الحكومة الفدرالية) بموجب الدستور، ولا يحظرها على الولايات، محفوظة للولايات، أو للشعب"[10].

أما العاصفة السياسية الثانية، فتتمثل في تهديده بفضّ جلسات الكونغرس وتعطيل أعماله، متذرعًا بـ "الظرف الاستثنائي" المترتب على جائحة كورونا، ليتمكّن من تعبئة شواغر في إدارته، من دون الاضطرار إلى نيل تصديق مجلس الشيوخ. وكان من اللافت أن الشواغر التي اشتكى ترامب من تعطيل الأقلية الديمقراطية مرشحيه لها لا تمتّ بصلة لأزمة التعامل مع الجائحة، إذ إنه حدّدها في قضاة فدراليين، ومسؤول في وزارة الزراعة، ومدير جديد لإذاعة "صوت أميركا"[11]. أبعد من ذلك، فإن مجلس الشيوخ يسيطر عليه حزبه، لا الديمقراطيون. والمشكلة الحقيقية أن ترامب لم يقدّم مرشحين لكثير من تلك الشواغر أصلًا. والسؤال هنا: هل يخول الدستورُ الرئيسَ الأميركي، فعلًا، هذه الصلاحية؟

مبدئيًا، إن الدستور الأميركي، في الفقرة الثالثة من المادة الثانية، يعطي الرئيس الحق "في ظروف استثنائية أن يدعو المجلسين (النواب والشيوخ)، أو أيًا منهما، إلى الانعقاد، وفي حال حدوث خلافٍ بينهما في موعد فضّ الجلسات، فله أن يفضّها إلى الموعد الذي يراه ملائمًا"[12]، إلا أن هذه السلطة ليست مطلقة. فمن ناحية، إن "الظروف الاستثنائية" لا تخضع لمزاجية أو حسابات سياسية. وكان واضحًا أن مشكلة ترامب تتعلق بمرشحين لشواغر معينة في إدارته لا تؤثر ولا تتأثر بالجائحة. كما أنه لم يسبق لرئيسٍ قبله أن مارس تلك الصلاحية، بما في ذلك خلال الحرب الأهلية أو انتشار أوبئة أو الحروب الخارجية والكوارث[13]. ومن ناحية أخرى، هذه الصلاحية مرهونة بحدوث خلافٍ بين مجلسَي الكونغرس في موعد فضّ الجلسات. وتاريخيًا، طوّر المجلسان آلية تعرف بـ "الجلسات الشكلية" Pro Forma Session، لمنع أي رئيسٍ من القيام بتعيينات في مواقع حساسة خلال عطل الكونغرس، فضلًا عن منع أيٍّ من المجلسين من استغلال عطلة الآخر[14]. وليست هذه الآلية حكرًا على حزب دون آخر، إذ يستخدمها الحزبان.

وبعيدًا عن السبب الحقيقي لتهديده بذلك، والمتمثل في سعيه الدؤوب للبحث عن مشاجب، داخلية مثل الديمقراطيين، وخارجية مثل منظمة الصحة العالمية والصين، يعلق عليها فشل إدارته في التصدّي لجائحة كورونا، فإن مجرد تفكير ترامب في اللجوء إلى هذه السلطة عزز المخاوف من إمكانية سعيه للعبث بمواعيد الانتخابات الرئاسية الأميركية، إن خشي خسارته لها. وبما أن الجمهوريين خاضعون لغرائز ترامب، وبما أنهم يسيطرون على مجلس الشيوخ الأميركي، وعلى ستة وعشرين ولاية أميركية من أصل خمسين، وبما أن التوازن داخل المحكمة الأميركية العليا مختل لصالح المحافظين (5-4)، وفي ضوء تاريخ الجمهوريين في محاولة تهميش أصوات الأقليات التي تذهب للديمقراطيين في الغالب، فإن التوجس من محاولة العبث بنزاهة الانتخابات ومواعيدها يصبح أمرًا محتملًا.

ولكن هل يملك ترامب، فعليًا، حتى في ظل دعم الجمهوريين له، سلطة إلغاء الانتخابات الرئاسية أو حتى تأجيلها؟

الإجابة السريعة لا، فالانتخابات التمهيدية ليست كالانتخابات العامة. غير أن ثمة تفاصيل كثيرة في هذا السياق. ومن ثمَّ فإننا سنناقش التكييفين القانوني والدستوري للمسألة، ثمّ نخوض في التفاصيل عبر سيناريوهات مفترضة قد يلجأ إليها الكونغرس والرئاسة عبر تشريع قانوني، إذا ما ارتأيا تأجيل الانتخابات بسبب الجائحة، أو الولايات المحسوبة على الجمهوريين، عبر حيل وألاعيب، في حال رفض الديمقراطيون تأجيل الانتخابات، إذا أراد ترامب ذلك.

ثانيًا: التكييفان القانوني والدستوري

ينقسم هذان التكييفان إلى قسمين؛ قسم يتعلق بالانتخابات الرئاسية والآخر بالتشريعية.

1. الانتخابات الرئاسية

ينص القانون الفدرالي الأميركي على أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية ينبغي أن تجري: "يوم الثلاثاء بعد أول يوم إثنين في تشرين الثاني/ نوفمبر"[15]. ولا يمكن تغيير هذا القانون من دون موافقة الكونغرس بمجلسيه، وبعد ذلك يوقّع عليه الرئيس ليصبح ساري المفعول. وهذا يعني أن ترامب لا يملك صلاحيات تنفيذية هنا يمكن له أن يدعيها بذريعة الطوارئ؛ وهو أمر محل اتفاق بين الديمقراطيين والجمهوريين والخبراء القانونيين والدستوريين[16]. ومعلوم أن الديمقراطيين يسيطرون على مجلس النواب الحالي. وحتى إن وافق الكونغرس على تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية، ووقّع الرئيس على ذلك، فإن سلطة القانون محدودة بالتعديل العشرين من الدستور، والذي ينص في فقرته الأولى على أن: "مدة ولاية كل من الرئيس ونائب الرئيس تنتهي ظهر يوم 20 كانون الثاني/ يناير" كل أربع سنوات[17]. وبهذا، فإنه في ذلك اليوم من عام 2021، إن لم تكن جرت انتخابات رئاسية، فإن ترامب ومايك بينس لن يكونا رئيسًا ونائب رئيس، وحينها يوكل إلى مجلس النواب انتخاب رئيس من أعضائه. وتعديل الدستور عملية معقدة جدًا، وقد تكون أقرب إلى المهمة المستحيلة، وخصوصًا ضمن سياق التناقض الحزبي والسياسي والأيديولوجي الراهن.

ما سبق يعني أن سلطة الكونغرس نفسه في تأجيل الانتخابات محدودة جدًا؛ إذ إنها محكومة بسقوف دستورية لا يمكن تجاوزها، ومن ثمَّ، فإنه لا يمكن أن يرجئ الكونغرس الانتخابات إلا لأسابيع قليلة على أقصى تقدير. ولإدراك الكونغرس صرامة المواعيد الدستورية، فإنه على مدى عقود طويلة، اشترط على مندوبي "المجمع الانتخابي"، أو الـ Electoral College، الذين يدلون بأصواتهم للرئيس المنتخب نيابة عن مواطني ولاياتهم، أن يقوموا بذلك في "الإثنين الأول بعد الأربعاء الثاني في كانون الأول/ ديسمبر". وفي حال حدوث نزاع في ولايةٍ ما حول من فاز بأصواتها الشعبية، فإن الكونغرس أجاز للولايات أن تمدد تلك المدة إلى الأربعاء الرابع من الشهر ذاته، ويصدّق الكونغرس على التصويت النهائي لــ "المجمع الانتخابي" في 6 كانون الثاني/ يناير[18].

في المقابل، فإن الدستور الأميركي صامت في ما يتعلق بالانتخابات الحزبية التمهيدية، ومواعيد إجرائها؛ ذلك أنها متروكة إلى حد كبير لاختصاصات كل ولاية، بالتنسيق مع الأحزاب السياسية. وبالنتيجة، فإن الولايات هي التي تحدد عمليًا قوانين انتخاباتها التمهيدية، ومواعيدها، وحتى تأجيلها وإلغاءها في حالات الطوارئ. أما في حالة وقوع الخلاف على أي من تلك الأمور في كل ولاية على حدة، فحينها يمكن اللجوء إلى القضاء لتسوية النزاعات[19].

2. الانتخابات التشريعية

على الرغم من أن الدستور يعطي الولايات، ابتداء، حق تحديد مواعيد الانتخابات التشريعية، فإنه يجوز للكونغرس أن يتجاوز سلطاتها وأن يحدد موعدًا آخر، وهذا الجاري العمل به الآن[20]. وكما في الانتخابات الرئاسية، ينص القانون الفدرالي الأميركي على إجراء الانتخابات التشريعية "يوم الثلاثاء بعد أول يوم إثنين في تشرين الثاني/ نوفمبر"[21]. ولا يمكن إلغاء هذا القانون إلا بقانون مماثل، يصدّق عليه الكونغرس، ويوقّع عليه الرئيس. ولكن، حتى إن تمّ تمرير قانون لتأجيل الانتخابات التشريعية، فإن السقف الدستوري، كما رأينا في المواعيد الانتخابية الرئاسية، صارم؛ حيث نجد في التعديل العشرين من الدستور ذاته نصًا في فقرته الأولى تحدد مدة ولاية أعضاء مجلسَي الكونغرس بـ "ظهر يوم 3 كانون الثاني/ يناير"، وهو الوقت ذاته الذي يؤدي فيه الأعضاء الجدد اليمين الدستورية. وهكذا، فإنه إن لم يؤدِ الأعضاء الجدد في الكونغرس اليمين الدستورية في ظهيرة ذلك اليوم، فسيحصل فراغ دستوري إلى حدٍّ كبير، بمعنى أنه لن يبقى من مؤسسة تملك الشرعية الانتخابية، إلا ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، ممن لم تنتهِ صلاحياتهم الانتخابية، وهم من سيوكل إليهم مهمة اختيار رئيس من بينهم، كما سنشرح ذلك لاحقًا.

ثالثًا: الثغرات الدستورية وسيناريوهات الالتفاف على الانتخابات

ما سبق يتعلق بتكييف الإطارين الدستوري والقانوني. غير أن ثمة ألاعيب وحيلًا قد يحاول الجمهوريون اللجوء إليها مستغلين ثغرات دستورية، وذلك إذا ما طلب ترامب تأجيل الانتخابات أو إلغاءها، وقرروا التجاوب معه، بذريعة الجائحة وخشية استفحال العدوى بين الناس. ومع ذلك، فإنه من المهم التأكيد أن ذلك لن يكون بالأمر الهين ولا مضمون العواقب. وفيما يلي نستعرض بعض تلك الثغرات التي قد يحاول الجمهوريون توظيفها عبر الولايات الخاضعة لسيطرتهم.

1. تعيين الولايات مندوبيها في "المجمع الانتخابي"

يمكن أن تحاول بعض الولايات، الخاضعة لسيطرة الجمهوريين، ذلك عبر الزعم بتفعيل البند الثاني في الفقرة الأولى من المادة الثانية في الدستور الأميركي، والتي تنص على حق كل ولاية في تعيين مندوبيها إلى "المجمع الانتخابي" عبر مجالسها التشريعية الولائية[22]. لكن هذا الأمر لن يكون بتلك السهولة. فمن ناحية، فإن الخمسين ولاية أميركية، وعلى مدى أكثر من قرن ونصف، أعطت سكانها هذا الحق عبر انتخابات عامة. ولدى تسع وأربعين ولاية اليوم قوانين تنص على أن اختيار هؤلاء المندوبين لا يكون إلا عبر الانتخابات العامة. ومن ثمّ، لا يمكنها أن "تستعيد" هذا الحق من سكانها إلا عبر تعديل قوانينها الانتخابية[23]؛ وهو ما يعني إجراءات طويلة لنقض القوانين القائمة، وتشريع قوانين جديدة محلها.

من ناحية ثانية، على الرغم من أن الجمهوريين يسيطرون، عمليًا، على ثلاثين هيئة تشريعية في ثلاثين ولاية أميركية، وهو ما يمكنهم من حسم 302 من الأصوات على الأقل في "المجمع الانتخابي"، بمعنى ضمان الرئاسة لمن يريدونه، إذا مضوا في هذا الخيار ونجحوا فيه؛ إذ إن الرقم المطلوب للفوز هو 270 صوتًا[24]، إلا أن المسألة فيها تعقيدات أكبر. فبعض الولايات التي يسيطر الجمهوريون على هيئاتها التشريعية يوجد على رأسها حاكم ديمقراطي، وقطعًا، فإن الحكام الديمقراطيين سيرفضون هذه القوانين، وفي الغالب لن يتمكن الجمهوريون من تحصيل أغلبية الثلثين لتجاوز قرار حاكم الولاية الديمقراطي في حال أشهر "الفيتو" في وجه مشروع القانون الجديد[25]. وإذا أخذنا الهوية الحزبية لحاكم الولاية في الحسبان، فإن اثنتين وعشرين ولاية من أصل الثلاثين التي فيها هيئات تشريعية تحت سيطرة الجمهوريين يوجد فيها حاكم جمهوري أيضًا، وهكذا لا يوجد حاكم ديمقراطي لنقض القرار. ولكن أصوات هذه الولايات مجتمعة في "المجمع الانتخابي" تصل إلى 219 فقط[26]، أي أقل بواحد وخمسين صوتًا من العدد الذي يحتاج إليه ترامب للفوز بفترة رئاسية ثانية. ولا تقف التعقيدات عند هذا الحد، فإذا لم تجر انتخابات في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر، فإن هذا يعني أن عددًا من الولايات (إحدى عشرة) لن يكون لها حاكم، ولا حتى مجالس تشريعية[27].

ثمة سيناريو آخر في هذا السياق، حيث تمضي الهيئات التشريعية بأغلبيتها الجمهورية في الولايات في تعيين مندوبيها إلى "المجمع الانتخابي". حينها، قد يلجأ الحكام الديمقراطيون في تلك الولايات إلى تعيين مندوبين خاصين بهم أيضًا. إذا حدث ذلك، فسنكون أمام عملية قانونية معقدة، وأزمة دستورية تلوح في الأفق؛ فوفقًا للإجراءات والقوانين الأميركية القائمة، من المفترض أن يحتسب الكونغرس القائمة التي صدّق عليها حكام الولايات وليس هيئاتها التشريعية[28].

2. تعيين مجلس النواب للرئيس

إذا فشل أي مرشح في الحصول على 270 صوتًا في "المجمع الانتخابي"، عندها يمنح التعديل الدستوري الثاني عشر مجلس النواب حق تعيين الرئيس[29]. وإذا افترضنا أن الكونغرس المقبل سيكون بأغلبية ديمقراطية، كما هو الحال الآن، فإن هذا لا يعني ضمان الرئاسة للمرشح الديمقراطي؛ إذ ينص التعديل الدستوري على أن التصويت في المجلس لا يكون على أساس فردي، وإنما يصوت نواب كل ولاية من الولايات الخمسين ككتلة لواحد من المرشحين بأعلى الأصوات، على أن لا يتجاوزوا الثلاثة[30]. وهكذا، فبدل أن يكون لدينا 435 صوتًا، سيكون هناك خمسون صوتًا في مجلس النواب الأميركي[31].

وإذا اعتمدنا هذا المجلس وحدة قياس، فإننا سننتهي إلى أزمة دستورية كبيرة؛ فالجمهوريون يحظون بأغلبية في خمس وعشرين ولاية، في حين لدى الديمقراطيين أغلبية في ثلاث وعشرين ولاية، ويتساوى الأعضاء الديمقراطيون والجمهوريون عددًا في نواب ولايتي فلوريدا وبنسلفانيا[32]. هنا قد يحدث أي خلل، كغياب عضو ما أو وفاته أو إصابته بالعدوى، ومن ثمّ عجزه عن حضور التصويت، وهو ما قد يقودنا إلى حالة يكون فيها لكل مرشح خمسة وعشرون صوتًا. إذا وقع ذلك، فإن هذا سيثير أزمة دستورية جديدة، حول إن كان سيسمح لممثل مقاطعة كولومبيا، أي واشنطن العاصمة، بالتصويت؛ إذ يحصر التعديل الدستوري الثاني عشر حق التصويت في الولايات الخمسين. لكنّ التعديل الثالث والعشرين يعطي سكان العاصمة الحق في التصويت للرئيس ونائب الرئيس، ويكون لها مندوبان بناء على حجمها السكاني، تمامًا مثل أي ولاية[33]، بحسب التعديل الدستوري الثاني عشر. ومعروف أن مقاطعة كولومبيا ديمقراطية. وهذا يعني أننا عدنا إلى تعقيدات قانونية ودستورية لا حصر لها. بل إن ثمَّة تعقيدًا آخر أكثر جدية، سنتطرق إليه بعد قليل، وهو أنه لن يكون هناك أصلًا مجلس نواب، إذا ألغيت الانتخابات.

3. لجوء ولايات إلى السلطات الاستثنائية

 يمكن، نظريًا، أن يلجأ الجمهوريون إلى قوانين قائمة في ولاياتهم تعطي مسؤوليها حق استخدام سلطات استثنائية أثناء الكوارث لتحديد من يمكنه الإدلاء بصوته. وبالنتيجة، قد تلجأ الولايات الخاضعة للجمهوريين إلى وضع المناطق المحسوبة على الديمقراطيين فيها، كميامي في فلوريدا، تحت حجر صحي، لا يسمح بموجبه لسكانها مغادرة منازلهم[34]. إلا أن أمرًا كهذا لن يكون من السهل تطبيقه؛ إذ إن قرارات تراكمية، على مدى عقود طويلة، صادرة عن المحكمة العليا الأميركية، أكدت جميعها ضرورة توفير ضمانات لكل سكان الولايات للإدلاء بأصواتهم بحرية ونزاهة، متى أعطوا هذا الحق بموجب قوانين ولائية، ولا يحق للسلطات الولائية أن تتدخل في ممارسة هذا الحق حينها، من دون قوانين جديدة تحل محل القائمة، كما يحظر عليها محاولة ترجيح منطقة على أخرى داخل حدودها في محاولة لتعظيم حظوظ حزب على آخر أو مرشح على آخر[35].

باختصار، سيكون من الصعب على الجمهوريين المضي في أي من هذه الخيارات؛ ذلك أن "استعادة" الولايات حق تعيين مندوبيها في "المجمع الانتخابي" يحتاج منها إلى تعديل قوانينها قبل 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، وهذا سيكون صعبًا جدًا. ولن يستطيعوا سحب حق التصويت من مواطنيهم من دون تلك القوانين. هذا فضلًا عن أن الانتخابات الشعبية أصبحت متأصلة في الثقافة الأميركية إلى حدٍّ يصعب فيه تصور مصادمة الجمهوريين لهذه الثقافة، وهو ما قد يظهرهم كمن يحاول السطو على السلطة لا الفوز بها[36].

رابعًا: الفراغ الدستوري النسبي

ثمة خيار آخر يحذّر منه البعض، ويتمثل في ضغط الجمهوريين والولايات الخاضعة لهم لتأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتمديد فترة رئاسة ترامب بذريعة الجائحة. إلا أن هذا أيضًا، خيار مستحيل دستوريًا. وقد سبقت الإشارة إلى أن القانون الفدرالي الأميركي يفرض إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية: "يوم الثلاثاء بعد أول يوم إثنين في تشرين الثاني/ نوفمبر"، وأنه لا يمكن تغيير هذا القانون من دون موافقة الكونغرس وتوقيع الرئيس. كما سبقت الإشارة أيضًا إلى أنه حتى لو تمّ تأجيل الانتخابات، فإن ذلك لا يمكن أن يتجاوز أسابيع قليلة، ذلك أن الدستور يقرر بلغة حاسمة أن: "مدة ولاية كل من الرئيس ونائب الرئيس تنتهي ظهر يوم 20 كانون الثاني/ يناير" كل أربع سنوات، في حين تنتهي ولاية الكونغرس الحالي، وتبدأ ولاية الكونغرس التالي في "ظهر يوم 3 كانون الثاني/ يناير" 2021.

هذا يعني أن تأجيل الانتخابات، من دون تعديل الدستور، وهي المهمة شبه المستحيلة الآن، سيدخل الولايات المتحدة في حالة من الفراغ الدستوري، نسبيًا؛ إذ لن يكون ثمة رئيس ولا نائب رئيس، ولن يكون ثمة مجلس نواب، لكي يصدّق على مندوبي "المجمع الانتخابي"، حتى لو عينت بعض الولايات أعضاءه. وبما أنه لن يكون ثمة مجلس نواب، فلا يمكن تصور انتخاب أحد من أعضائه للرئاسة.

وفي حال أصرّت بعض الولايات الجمهورية على تعطيل الانتخابات التشريعية والرئاسية فيها لفرض تأجيلها والتمديد لترامب، فإن الولايات الديمقراطية ستسمح بإجراء الانتخابات، ومن ثمّ ستفرز مندوبيها إلى "المجمع الانتخابي". وعلى الأرجح فإن هؤلاء سيدلون بأصواتهم لصالح المرشح الديمقراطي؛ إذ لا ينص التعديل الدستوري الثاني عشر على حد أدنى للمندوبين ليكتسب "المجمع" المشروعية، بقدر ما أنه يقرر أن "الشخص الذي ينال العدد الأكبر من أصوات المقترعين للرئيس يصبح رئيسًا، إذا كان هذا العدد يشكل أكثرية مجموع الناخبين المعينين"[37].

ولأن تأجيل الانتخابات الرئاسية أو إلغاءها قد يعنيان تأجيل أو إلغاء الانتخابات التشريعية كذلك، فإنه لا يمكن الحديث هنا حتى عن سيناريو تولي رئيس مجلس النواب السلطة في حال عجز الرئيس ونائب الرئيس عن القيام بمهماتهما، وذلك كما تنص المادة الثانية من الدستور، الفقرة الأولى، في البند السادس. بل إن السلطة تنتقل إلى الرئيس الفخري لمجلس الشيوخ "Pro Tempore of the Senate"، وفقًا للمادة الدستورية نفسها[38]. صحيح، أن الجمهوريين يسيطرون على مجلس الشيوخ الحالي (53 جمهوريًا مقابل 45 ديمقراطيًا)، ولكن في 3 كانون الثاني/ يناير 2021، سيفقد ثلث أعضاء مجلس الشيوخ عضويتهم الدستورية في المجلس إن لم تكن جرت الانتخابات، وهو ما يعني أن المجلس سيكون بأغلبية ديمقراطية حينها؛ إذ إن انتخابات المجلس هذا العام ستشمل مقاعد ثلاثة وعشرين عضوًا جمهوريًا واثني عشر عضوًا ديمقراطيًا[39].

وهكذا، لا يمكن تصور سماح الجمهوريين بمثل هذا السيناريو، الذي يكون فيه الرئيس الفخري لمجلس الشيوخ ديمقراطيًا، ويصبح تلقائيًا الرئيس في ظل شغور منصبي الرئيس ونائبه، وشغور منصب رئيس مجلس النواب، إن لم تكن جرت انتخابات.

خلاصة

تقف الولايات المتحدة في السنوات الثلاث والنصف الأخيرة أمام مفترق طرق عصيب، إذ عرَّت رئاسة ترامب كثيرًا من مكامن الضعف في هياكلها السياسية والقانونية والدستورية. وجاءت جائحة كورونا المستجد لتكشف أكثر عن عوار المنظومة المؤسسية الأميركية في ظل رئيس لا يتورع عن ارتكاب التجاوزات، ما دام ضامنًا وقوف حزبه وراءه، وهو ما خلخل بنى الضوابط والتوازنات، والفصل بين السلطات. هذا لا يعني أن الولايات المتحدة عاجزة عن تصويب مسارها، ولكن ذلك سيتطلب تحديثات جوهرية في هيكليها القانوني والدستوري. المشكلة أن ذلك لن يكون أمرًا هينًا في ظل الانقسام والشرخين الأيديولوجي والمجتمعي اللذين تعيشهما البلاد في العقود الأخيرة. وإذا لم تجر تلك التحديثات، فإن الولايات المتحدة ستكون معرضة في المستقبل لأن يختطفها شخص أو حزب أو تيار. لا يقترح ما سبق غياب مؤسسات عريقة وكوابح قوية في الولايات المتحدة لمنع حدوث الانزلاق، بقدر ما ينبه إلى أنها ليست معصومة منه.

وفي موضوع الانتخابات، من المستبعد جدًا، أن يلجأ الجمهوريون إلى عبث جوهري في منظومتها، للتعقيدات التي شرحناها آنفًا. إلا أن هذا لا يقلل من إمكانيات محاولتهم التأثير في نزاهتها. بل إنهم متهمون أصلًا بمحاولة تهميش أصوات الأقليات، التي تذهب للديمقراطيين في الغالب، في الولايات التي يسيطرون عليها. في هذا السياق، ولضمان إجراء الانتخابات في موعدها، فإن عددًا من الخبراء يطرحون ضرورة أن تبادر الولايات الخمسون بإصدار قوانين عاجلة، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، تسمح بالتصويت عبر البريد، وهو الأمر القائم فعلًا في العديد من الولايات، بعذر ومن دونه. وثمة محاولات راهنة في مجلس الشيوخ للدفع بمثل هذا القانون، على المستوى الفدرالي، لتمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم في الخريف المقبل، في حال استمرت جائحة كورونا[40]. إلا أنه من المستبعد أن يدعم كثير من الجمهوريين مثل هذه الجهود، ذلك أنهم يراهنون على أن القاعدة الانتخابية الديمقراطية ستكون أكثر ترددًا في الذهاب إلى مراكز الاقتراع المكتظة في ظل تفشي العدوى مقارنة بالقاعدة الانتخابية الجمهورية.

أضف إلى ذلك، أن القاعدة الديمقراطية منقسمة على مرشحها المفترض، بايدن، والذي لن يصبح مرشحًا رسميًا لها، إلا في آب/ أغسطس 2020، على افتراض أنه لن تظهر عقبات جديدة قبل المؤتمر الوطني للحزب. وبسبب استفحال العدوى، فإن بايدن شبه غائب كليًا عن الساحة الانتخابية، في حين يتصدر ترامب الشاشات يوميًا متحدثًا عن سياسات إدارته في التصدي لكورونا المستجد. صحيح أن إدارته للأزمة مضطربة وفوضوية، ولكنه المرشح الوحيد الحاضر في المشهد الوطني اليوم. وهكذا، فلا يتوقّع أن يحاول الجمهوريون العبث بمواعيد الانتخابات وكيفية إجرائها، إلا أن تستجد أمور تهدد فرصهم بالفوز بشكل حقيقي. وحتى إن حدث ذلك، فإنه سيكون من الصعب عليهم تحقيق تلك الرغبة، إن وجدت، نظرًا إلى التعقيدات التي سبق أن أشرنا إليها.

تبقى مسألة أخيرة في هذا السياق، فالولايات المتحدة تتعامل مع وضع جديد لم تعتده من قبل. صحيح أن كوارث أخرى سابقة لم تؤد إلى تأجيل الانتخابات الوطنية، إلا أن ثمة عاملًا جديدًا اليوم هو ترامب، وخضوع الحزب الجمهوري لسطوته. ولذلك، يمكن القول إن الولايات المتحدة تعبر، في الفترة الحالية، إلى المجهول، وخصوصًا إذا وقفت المحكمة العليا، بأغلبيتها المحافظة، مع الجمهوريين في أي محاولات عابثة قد يقومون بها. حينها ستكون هناك فوضى سياسية في البلاد لا يعلم أحد متى وكيف وإلى أين ستنتهي؟



[1] Ted Hesson, “Can Trump Revoke Birthright Citizenship? Nearly all on Left and Right Say no,” Politico, 30/10/2018, accessed on 23/4/2020, at: https://politi.co/2KtZEzr

[2] “Constitutional Amendment Process,” National Archives, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2yzlvCM

[3] Gwynn Guilford, “Trump now Owns the Republican Party,” Quartz, 4/6/2018, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2VUuDK8

[4] Jonathan Martin & Maggie Haberman, “Fear and Loyalty: How Donald Trump Took Over the Republican Party,” The New York Times, 22/12/2019, accessed on 23/4/2020, at: https://nyti.ms/2XVZicM

[5] David Morgan, “FACTBOX [Timeline:] Key Dates in the U.S. House's Impeachment Inquiry into Trump,” Reuters, 21/10/2019, accessed on 23/4/2020, at: https://reut.rs/3cRum1J

[6] Sarah Mccammon & Jessica Taylor, “Former CIA Director Panetta Calls Trump's Russia Comment 'Inconceivable',” 27/7/2016, accessed on 23/4/2020, at: https://n.pr/2KxfWr3

[7] Felicia Sonmez, “Trump Again Jokes about Staying on as President for more than Two Terms,” The Washington Post, 18/4/2019, accessed on 23/4/2020, at: https://wapo.st/34ZPyQo

[8] William Cummings, “Here's what the Constitution's 10th Amendment Says about Trump's Claim to Have Total Authority over States,” USA TODAY, 14/4/2020, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2S2hzkR

[9] Aaron Rupar, “Trump’s Dangerous ‘LIBERATE’ Tweets Represent the Views of a Small Minority,” VOX, 17/4/2020, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/3eMhVFS

[10] “Rights Reserved to States or People,” The National Constitution Center, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2VQ7VCT

[11] Matt Perez, “Trump Threatens To Adjourn Congress, But Constitutional Law Expert Says He’s Misinterpreting His Power,” Forbes, 15/4/2020, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2VWDong

[12] “Executive Branch,” The National Constitution Center, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2Y4I11f

[13] Jacob D. Shelly, “Postponing Federal Elections and the COVID19 Pandemic: Legal Considerations,” The Congressional Research Service, 20/3/2020, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/3aviVLh

[14] “Pro forma Session Law and Legal Definition,” USlegal, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2RYdjCM

[15] “2 U.S. Code § 7.Time of election,” Legal Information Institute, Cornell University, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2KpY55k

[16] Evan Halper, “Could Trump Delay the November Election? Not without Risking Forfeit to a Democrat,” The Los Angeles Times, 17/3/2020, accessed on 23/4/2020, at: https://lat.ms/2XZgIFw

[17] “Presidential Term and Succession, Assembly of Congress,” The National Constitution Center, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2VRMB00

[18] Shelly.

[19] Ibid.

[20] Ibid.

[21] “2 U.S. Code § 7. Time of election.”

[22] “Executive Branch.”

[23] Jeffrey Davis, “How Donald Trump Could Steal the Election,” The Atlantic, 29/3/2020, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/3eL9evy

[24] Harrow, “Finally, a Reason not to Worry: Trump Can't Cancel the Election, even During Coronavirus,” USA Today, 26/3/2020, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2xQXIOJ

[25] Ibid.

[26] Davis.

[27] Amy Klobuchar & Ron Wyden, “Here’s how to guarantee coronavirus won’t disrupt our elections,” The Washington Post, 16/3/2020, accessed on 23/4/2020, at: https://wapo.st/2Y9LATV

[28] Harrow.

[29] “Election of President and Vice President,” The National Constitution Center, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2KsTcbO

[30] Ian Millhiser, “Can Trump cancel the November election? No.,” VOX, 7/4/2020, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2KsTCyU

[31] Davis.

[32] Ibid.

[33] “Presidential Vote for D.C.,” The National Constitution Center, accessed on 23/4/2020, at: https://bit.ly/2VO565v

[34] Millhiser.

[35] Davis.

[36] Millhiser.

[37] “Election of President and Vice President.”

[38] “Executive Branch.”

[39] Millhiser.

[40] Klobuchar & Wyden.