العنوان هنا
تقييم حالة 02 فبراير ، 2018

انتخابات المرشح الواحد وتجديد واجهات السلطوية في مصر

عبده موسى

باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تتركز اهتماماته البحثية في قضايا حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي في مصر والمنطقة العربية.

مقدمة

دخل مأزق الانتخابات الرئاسية في مصر منعطفًا جديدًا، بعد اعتداءٍ استهدف المستشار هشام جنينة، كاد يودي بحياته[1]، ونكوص حزب الوفد عن تقديم مرشح عنه في هذه الانتخابات[2]، بسبب الوضع المربك الذي يقف فيه الرئيس المشرفة ولايته على الانتهاء، عبد الفتاح السيسي، وحيدًا في ساحة انتخابية فارغة.

اتخذت الأحداث وجهةً معاكسة تمامًا لما زعمه السيسي، على الرغم من تعهده بأن تكون الانتخابات الرئاسية، "عنوانًا للشفافية"[3]؛ فقد كان يشن "هجومًا غير مسبوق على النشاط السياسي وحقوق الإنسان الأساسية" في البلاد[4]، في حين كان يتجه ممثلوه بطلب ترشحه إلى الهيئة الوطنية للانتخابات حاملين تأييد أكثر من 90 في المئة من أعضاء مجلس النواب، وما يقارب ربع مليون إقرار تأييد من المواطنين[5]؛ أي عشرة أضعاف المطلوب دستوريًا لإدراجه في قوائم المنافسة[6].

يفتح هذا التناقض بين صورة الواثق بإعادة انتخابه والإمعان في الإجراءات القمعية باب التساؤل عن حقيقة المعلومات المتواترة من القاهرة؛ عن أن النظام العسكري يعيش حالة من الصراعات الداخلية المحتدمة بين أركانه ومؤسساته العسكرية والأمنية والاستخبارية المهيمنة على الحكم، وأن السيسي يكتنفه شعور بعدم الثقة بقدرته على خوض اختبار للثقة الشعبية به، حتى إن كان هذا الاختبار محدودًا.


 

[1] اتهم علي طه محامي السلطات في مصر بالسعي لقتل موكله المستشار هشام جنينة، معاون المرشح المعتقل سامي عنان الذي كان قد اختار هشام جنينة ليشغل منصب نائب رئيس حال فوزه. وبحسب الروايات، اعترضت سيارته سيارتان نزلت منهما مجموعة من الأشخاص محاولين اختطافه، ولما قاوم وتجمع السائرون لمنعهم، حاولوا قتله. وأكد الدكتور حازم حسني، المتحدث باسم عنان، أن جنينة "تعرض لمحاولة قتل من جانب أشخاص يحملون أسلحة بيضاء" وأشار في تدوينة له أنه متيقن أنهم من السلطة. كما نُشر تحقيق صحافي بيّن أن الشخص المتهم يعمل مخبرًا لمصلحة جهاز أمني، انظر: "من هو هشام جنينة معاون عنان الذي تعرض لـ ’محاولة قتل‘؟"، بي بي سي عربي، 27/1/2018، شوهد في 31/1/2018، في: https://goo.gl/h8e1Hv

[2] احتدم الجدل داخل حزب الوفد بسبب طرح شخصيات داخل الهيئة العليا للحزب أن يتقدم رئيسه لهذه الانتخابات، في مسعى لمجاملة الرئيس المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي، وإنقاذ مأزق الانتخابات التي خلت من المتنافسين. قوبل الطرح الذي تقدم به بهاء الدين أبو شقة عضو الهيئة العليا وكيلًا عن رئيسه، باحتجاج شديد، إذ رأته قواعد عديدة وقيادات في الحزب أمرًا لا يليق بتاريخ الحزب، في ظل حالة التضييق الشديدة والعدوان على حق المصريين في انتخابات نزيهة، انظر: "مصدر: مسؤول: حزب الوفد المصري يرفض طلب رئيسه الترشح للرئاسة"، دويتشه فيله، 27/1/2018، شوهد في 31/1/2018، في: https://goo.gl/jFRT9d

[3] نشرت صفحة الرئيس السيسي الرسمية على موقع فيسبوك منشورًا نصه: "أتعهد بأن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة عنوانًا للشفافية"، انظر: صفحة عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، موقع فيسبوك، 19/1/2018، شوهد في 31/1/2018، في: https://goo.gl/mD4yPA

[4] وجه هذا الاتهام بنصه جون ماكين، رئيس لجنة مجلس الشيوخ المعنية بالشؤون العسكرية، في بيان صحافي للاحتفال بذكرى ثورة يناير في مصر، أصدره بعد القبض على سامي عنان المرشح للرئاسة، انظر:

SASC Chairman John McCain on the 7th anniversary of the January 25th Revolution in Egypt, John McCain's Senate Page, 23/1/2018, accessed on 31/1/2018, at: https://goo.gl/2JaSv

[5] عبد الرحمن العوني وعمرو المصري، "حملة الرئيس السيسي تتقدم بـ 217 ألف توكيل للوطنية للانتخابات"، صدى البلد، 24/1/2018، شوهد في 31/1/2018، في: https://goo.gl/Se3QrV