حظيت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية التي جرت في أيار/ مايو 2023 باهتمام إقليمي ودولي واسع، وتغطية إعلامية كبيرة. ويعود ذلك إلى موقع تركيا وسياساتها المؤثرة في مختلف القضايا الدولية والإقليمية.
وأعطى التقارب الكبير في الأوزان الانتخابية للتحالفين الكبيرين، تحالف الجمهور بقيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم، وتحالف الأمة بقيادة حزب الشعب الجمهوري المعارض، أهميةً أكبر لهذه الانتخابات، وخصوصًا مع تنامي قوة المعارضة التي فازت بالبلديات الكبرى في عام 2019، وتراجع شعبية حزب العدالة والتنمية لعدة أسباب أهمها الصعوبات الاقتصادية، فضلًا عن زلزال مدمر ضرب جنوب البلاد في شباط/ فبراير 2023.
وقد جاءت الانتخابات أيضًا في سياق إقليمي ميزه تزايد مظاهر الاستبداد، وانخفاض نسب المشاركة السياسية في أكثر الدول العربية؛ ما دفع إلى عقد مقارنات بالتجربة التركية التي تميزت بمشاركة عدد كبير من الأحزاب السياسية (36 حزبًا في عام 2023 مقارنة بـ 11 حزبًا في عام 2018)، وبنسبة اقتراع عالية قاربت الـ 90 في المئة. وقد ساهم وجود جالية عربية كبيرة وارتباط ملف اللاجئين والمجنسين الجدد بالانتخابات في زيادة الاهتمام العربي بهذا الحدث.
تتناول هذه الورقة بالتحليل نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي شهدتها تركيا في أيار/ مايو 2023، وتحاول الوقوف على أهم العوامل التي ساهمت في بلورتها، وتقف أيضًا على طبيعة التمثيل في البرلمان، والنتائج التي برزت خصوصًا في مناطق الزلزال، ثم تخرج بخلاصات عن أهم دلالات الانتخابات البرلمانية والرئاسية.