مقدمة
تفاقمت ظاهرة الهجرة غير القانونية بعد الانتفاضات الشعبية التي عرفها الوطن العربي منذ عام 2011، نتيجةً لموجة العنف التي مارستها النظم الاستبدادية في مواجهة الحركات الاحتجاجية؛ ما اضطر شرائح مجتمعية في سورية، والعراق، ومصر إلى الهجرة. كما شملت موجات الهجرة بلدانًا أفريقية تعاني الفقر وانعدام الأمن والفوضى. ويُعتبر الاتحاد الأوروبي الوجهة الأساسية لمعظم المهاجرين القادمين من المشرق العربي، ودول أفريقيا جنوب الصحراء؛ إذ تسمح القوانين بطلب اللجوء الإنساني والسياسي، وتمنح طالبي اللجوء تسهيلات الإقامة وإجراءات لمّ شمل أسرهم. ومع تنامي أعداد طالبي اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي، تحولت ظاهرة الهجرة غير القانونية إلى قضية رأي عام؛، فقد ربطت دول الاتحاد بين أمنها الداخلي والهجرة على اعتبارها معضلة أمنية ذات صلة بظواهر كالجريمة والإرهاب والتطرف الديني. كما نجحت حركات اليمين المتطرف، مع تنامٍ للشعور القومي وحالة الاحتجاج المجتمعي، في إدراج الهجرة في برامجها ودعاياتها لتحقيق مكاسب سياسية داخلية؛ على اعتبار أن المهاجرين يهددون الاستقرار الداخلي ومستوى الحياة الاقتصادية في تلك الدول، خاصة المطلة منها على الضفة الشمالية للبحر المتوسط (إيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، واليونان). وقد مثّلت ليبيا مصدرًا أساسيًا للمهاجرين غير القانونين؛ لتوافر العوامل التي تجعل منها نقطة تجمع، والانتقال منها بقوارب "الموت" أو قوارب "الحظ" إلى الضفة الشمالية للمتوسط، فهي تعاني حالة انهيار شبه كامل للدولة ومؤسساتها المدنية والأمنية، فضلًا عن أن حدودها البرية الواسعة تساعد على تدفق المهاجرين من دول أفريقية عديدة، وقد نشطت فيها شبكات الجريمة والاتجار بالبشر، ومارست انتهاكات خطيرة في مجال حقوق المهاجرين.